فصل: المسألة الثانية عشرة: العمل في المؤسسات الربوية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.المسألة الثانية عشرة: العمل في المؤسسات الربوية:

س: هل يجوز العمل في مؤسسة ربوية كسائق أو حارس؟
ج: لا يجوز العمل بالمؤسسات الربوية ولو كان الإنسان سائقا أو حارسا، وذلك لأن دخوله في وظيفة عند مؤسسات ربوية يستلزم الرضى بها؛ لأن من ينكر الشيء لا يمكن أن يعمل لمصلحته، فإذا عمل لمصلحته فإنه يكون راضيا به، والراضي بالشيء المحرم يناله من إثمه، أما من كان يباشر القيد والكتابة والإرسال والإيداع وما أشبه ذلك فهو لا شك أنه مباشر للحرام، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بل ثبت من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن آكل الربا وموكله وشاهديه» وكاتبه وقال: «هم سواء».
فضيلة العلامة ابن عثيمين.

.المسألة الثالثة عشرة: فوائد البنوك الربوية:

س: بعض البنوك تعطي أرباحا بالمبالغ التي توضع لديها من قبل المودعين، ونحن لا ندري حكم هذه الفوائد هل هي ربا أم هي ربح جائز يجوز للمسلم أخذه؟ وهل يوجد في العالم العربي بنوك تتعامل مع الناس حسب الشريعة الإسلامية؟
ج: أولا: الأرباح التي يدفعها البنك للمودعين على المبالغ التي أودعوها فيه تعتبر ربا. ولا يحل له أن ينتفع بهذه الأرباح، وعليه أن يتوب إلى الله من الإيداع في البنوك الربوية، وأن يسحب المبلغ الذي أودعه وربحه فيحتفظ بأصل المبلغ وينفق ما زاد عليه في وجوه البر من فقراء ومساكين وإصلاح مرافق عامة ونحو ذلك.
ثانيا: يبحث عن محل لا يتعامل بالربا ولو دكانا ويوضع المبلغ فيه على طريق التجارة، مضاربة، على أن يكون ذلك جزءا مشاعا معلوما من الربح كالثلث مثلا، أو بوضع المبلغ فيه أمانة بدون فائدة، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة.

.المسألة الرابعة عشرة: قرض البنك بفوائد سنوية:

س: المعاملة مع البنك هل هي ربا أم جائزة؟ لأن فيه كثيرا من المواطنين يقترضون منها؟
ج: يحرم على المسلم أن يقترض من أحد ذهبا أو فضة أو ورقا نقديا على أن يرد أكثر منه، سواء كان المقرض بنكا أم غيره، لأنه ربا وهو من أكبر الكبائر، ومن تعامل هذا التعامل من البنوك فهو بنك ربوي.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة.

.المسألة الخامسة عشرة: القرض بعملة والتسديد بأخرى:

س: أقرضني أخي في الله حسن. م ألفي دينار تونسي، وكتبنا عقدا بذلك ذكرنا فيه قيمة المبلغ بالنقد الألماني، وبعد مرور مدة القرض- وهي سنة- ارتفع ثمن النقد الألماني، فأصبح إذا سلمته ما هو في العقد أكون أعطيته ثلاثمائة دينار تونسي زيادة على ما اقترضته.
فهل يجوز لمقرضي أن يأخذ الزيادة، أم أنها تعتبر ربا؟ لاسيما وأنه يرغب السداد بالنقد الألماني ليتمكن من شراء سيارة من ألمانيا؟
ج: ليس للمقرض حسن. م سوى المبلغ الذي أقرضك وهو ألفا دينار تونسي، إلا أن تسمح بالزيادة فلا بأس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن خيار الناس أحسنهم قضاء». رواه مسلم في صحيحه، وأخرجه البخاري بلفظ: «إن من خيار الناس أحسنهم قضاء».
أما العقد المذكور فلا عمل عليه ولا يلزم به شيء لكونه عقدا غير شرعي، وقد دلت النصوص الشرعية على أنه لا يجوز بيع القرض إلا بسعر المثل وقت التقاضي إلا أن يسمح من عليه القرض بالزيادة من باب الإحسان والمكافأة للحديث الصحيح المذكور آنفا.
سماحة العلامة عبد العزيز بن باز:
س: طلب مني أحد أقاربي المقيمين بالقاهرة قرضا وقدره 2500 جنيه مصري، وقد أرسلت له مبلغ 2000 دولار باعهم وحصل على مبلغ 2490 جنيها مصريا، ويرغب حاليا في سداد الدين، علما بأننا لم نتفق على موعد وكيفية السداد، والسؤال هل أحصل منه على مبلغ 2490 جنيها مصريا وهو يساوي حاليا 1800 دولار أمريكي أقل من المبلغ الذي دفعته له بالدولار أم أحصل على مبلغ 2000 دولار علما بأنه سوف يترتب على ذلك أن يقوم هو بشراء الدولارات بحوالي 2800 جنيه مصري أي أكثر من المبلغ الذي حصل عليه فعلا بأكثر من 300 جنيه مصري؟
ج: الواجب أن يرد عليك ما اقترضته دولارات، لأن هذا هو القرض الذي حصل منك له، ولكن مع ذلك إذا اصطلحتما أن يسلم إليك جنيهات مصرية فلا حرج، قال ابن عمر رضي الله عنهما: كنا نبيع الإبل بالبقيع أو بالنقيع بالدراهم فنأخذ عنها الدنانير، ونبيع بالدنانير فنأخذ عنها الدراهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء»، فهذا بيع نقد من غير جنسه فهو أشبه ما يكون ببيع الذهب بالفضة، فإذا اتفقت أنت وإياه على أن يعطيك عوضا عن هذه الدولارات من الجنيهات المصرية بشرط ألا تأخذ منه جنيهات أكثر مما يساوي وقت اتفاقية التبديل، فإن هذا لا بأس به، فمثلا إذا كانت 2000 دولار تساوي الآن 2800 جنيه لا يجوز أن تأخذ منه ثلاثة آلاف جنيه ولكن يجوز أن تأخذ 2800 جنيه، ويجوز أن تأخذ منه 2000 دولار فقط يعني إنك تأخذ بسعر اليوم أو بأنزل، أي لا تأخذ أكثر لأنك إذا أخذت أكثر فقد ربحت فيما لم يدخل في ضمانك، وقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن ربح ما لم يضمن، وأما إذا أخذت بأقل فإن هذا يكون أخذا ببعض حقك، وإبراء عن الباقي، وهذا لا بأس به.
فضيلة العلامة ابن عثيمين.

.المسألة السادسة عشرة: القرض الذي يجر منفعة:

س: رجل اقترض مالا من رجل لكن المقرض اشترط أن يأخذ قطعة أرض زراعية من المقترض رهن بالمبلغ، يقوم بزراعتها وأخذ غلتها كاملة أو نصفها، والنصف الآخر لصاحب الأرض حتى يرجع المدين المال كاملا كما أخذه فيرجع له الدائن الأرض التي كانت تحت يده، ما حكم الشرع في نظركم في هذا القرض المشروط؟
ج: إن القرض من عقود الإرفاق التي يقصد بها الرفق بالمقترض والإحسان إليه، وهو من الأمور المطلوبة المحبوبة إلى الله عز وجل لأنه إحسان إلى عباد الله وقد قال الله تعالى: {وأحسنوا إن الله يحب المحسنين}. فهو بالنسبة للمقرض مشروع مستحب، وبالنسبة للمقترض جائز مباح.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استسلف من رجل بكرا ورد خيرا منه، وإذا كان هذا العقد أي القرض من عقود الإرفاق والإحسان فإنه لا يجوز أن يحول إلى عقد معاوضة وربح، أعني الربح المادي الدنيوي؛ لأنه بذلك يخرج من موضوعه إلى موضوع البيع والمعاوضات، ولهذا تجد الفرق بين أن يقول رجل لآخر: بعتك هذا الدينار بدينار آخر إلى سنة، أو بعتك هذا الدينار بدينار آخر ثم يتفرقا قبل القبض، فإنه في الصورتين يكون بيعا حراما وربا، لكن لو أقرضه دينارا قرضا وأوفاه بعد شهر أو سنة كان ذلك جائزا مع أن المقرض لم يأخذ العوض إلا بعد سنة أو أقل أو أكثر نظرا لتغليب جانب الإرفاق. وبناء على ذلك فإن المقرض إذا اشترط على المقترض نفعا ماديا فقد خرج بالقرض عن موضوع الإرفاق فيكون حراما.
والقاعدة المعروفة عند أهل العلم أن كل قرض جر منفعة فهو ربا، وعلى هذا فلا يجوز للمقرض أن يشترط على المقترض أن يمنحه أرضا ليزرعها حتى ولو أعطى المقترض سهما من الزرع؛ لأن ذلك جر منفعة إلى المقرض تخرج القرض عن موضوعه وهو الإرفاق والإحسان.
فضيلة العلامة ابن عثيمين.

.المسألة السابعة عشرة: التأمين التجاري والضمان البنكي:

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه وبعد..
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الاستفتاء المقدم لسماحة الرئيس العام، والمقيد برقم 1100 في / 1400هـ ونصه:
لقد عرض لنا أمر فلابد فيه من التعامل مع البنك، حيث نحتاج إلى كفالة بنكية اسمها كفالة حسن تنفيذ أي أن يكون البنك ضامنا حسن تنفيذ الاتفاقية حسب نصوص العقد وقد فوجئنا بأن البنك يأخذ أجرة مقابل هذه الكفالة خطاب الضمان الذي يقدمه، ورجعنا لما تيسر لدينا من كتب الفقه البسيطة فوجدنا أن الضمان أو الكفالة تبرع، فوقعنا في حيرة من أمرنا، وأوقفنا المشروع حتى نصل للحكم الشرعي الصحيح مقترنا بالأدلة الشرعية، فرأينا أن نبعث لفضيلتكم لما بلغنا عنكم من العلم والتقوى والورع، لذا نرجو من فضيلتكم أن تعلمونا رأيكم مقترنا بالأدلة الشرعية، هل يجوز أخذ أجرة على الكفالة أو الضمان؟
وكذلك عمليات التأمين على البضائع ضد الحوادث، والتأمين على الحياة، وما رأي الشرع في مثل هذه العقود؟
وأجابت بما يلي:
أولا: ضمان البنك لكم بربح على المبلغ الذي يضمنكم فيه لمن تلتزمون له بتنفيذ أي عقد لا يجوز؛ لأن الربح الذي يأخذه زيادة ربوية محرمة، والربا كما هو معروف محرم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة.
ثانيا: التأمين التجاري حرام لما يأتي:
1- عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية المشتملة على الغرر الفاحش، لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد مقدار ما يعطي أو يأخذ، فقد يدفع قسطا أو قسطين ثم تقع الكارثة، فيستحق ما التزم به المؤمن، وقد لا تقع الكارثة فيدفع جميع الأقساط ولا يأخذ شيئا، وذلك المؤمن لا يستطيع أن يحدد ما يعطي ويأخذ بالنسبة لكل عقد بمفرده، وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن بيع الغرر. رواه مسلم.
2- عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرة، لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية، ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيها، ومن الغنم بلا مقابل أو مقابل غير مكافئ، فإن المستأمن قد يدفع قسطا من التأمين ثم يقع الحادث فيغرم المؤمن كل مبلغ التأمين، وقد لا يقع الخطر ومع ذلك يغنم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل، وإذا استحكمت فيه الجهالة كان قمارا، ودخل في عموم النهي عن الميسر في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون}.
3- عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل والنساء، فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن أو لورثته أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها فهو ربا فضل، والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة العقد فيكون ربا نساء، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثل ما دفعه لها يكون ربا نساء فقط، وكلاهما محرم بالنص والإجماع.
4- عقد التأمين التجاري من الرهان؛ لأن كلا منهما فيه جهالة وغرر ومقامرة، ولم يبح الشرع من الرهان إلا ما فيه نصرة للإسلام وظهور لأعلامه بالحجة والسنان، وقد حصر النبي صلى الله عليه وسلم رخصة الرهان بعوض في ثلاث بقوله صلى الله عليه وسلم: «لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل». رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وصححه ابن حبان. وليس التأمين من ذلك ولا شبيها به فكان محرما.
5- عقد التأمين في أخذ مال الغير بلا مقابل هو أخذ بلا مقابل في عقود المعاوضات التجارية محرم؛ لدخوله في عموم النهي في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما}.
6- في عقد التأمين التجاري الإلزام بما لا يلزم شرعا، فإن المؤمن لم يحدث الخطر منه، ولم يتسبب في حدوثه، وإنما كان منه مجرد التعاقد مع المستأمن، على ضمان الخطر على تقدير وقوعه مقابل مبلغ يدفعه المستأمن له، والمؤمن لن يبذل عملا للمستأمن فكان حراما.
نرجو أن يكون فيما ذكرناه نفع للسائل وكفاية، مع العلم بأنه ليس لدينا كتب في هذا الموضوع حتى نرسل لكم نسخة منها، ولا نعلم كتابا مناسبا في الموضوع نرشدكم إليه.
وبالله التوفيق. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه.
وقد اتضح أن التأمين التجاري والتأمين على الحياة لا يجوز لأدلة، منها:
1- فيه ربا؛ لأن الفائدة تعطى في بعض أنواعه- وهو التأمين على الحياة- لأنها تتضمن التزام المؤمن بأن يدفع إلى المستأمن ما قدمه إلى المؤمن مضافا إلى ذلك فائدته الربوية، فالمستأمن يعطي القليل من النقود ويأخذ الكثير.
2- التأمين يستلزم أكل أموال الناس بالباطل.
3- يقوم التأمين على المقامرة والمراهنة؛ لأنه عقد معلق على خطر، فتارة يقع، وتارة لا يقع، فهو قمار معنى.
4- التأمين فيه غرر وجهالة.
5- التأمين يوقع بين المتعاقدين العداوة والخصام، وذلك أنه متى وقع الخطر حاول كل من الطرفين تحميل الآخر الخسائر التي حصلت، ويترتب على ذلك نزاع ومشاكل، ومرافعات قضائية.
6- لا ضرورة تدعو إلى التأمين، فقد شرع الله الصدقات في الإسلام، وأوجب الزكاة للفقراء والمساكين والغارمين، والحكومة الإسلامية مسؤولة عن رعاياها.